نداء الأرض
ســر وجــودي توأم روحـــــي :: قـســـم الأدب و الشــــعــر :: الــشّعــر :: الشـّـــــعــر الـفـصـيـح :: شـــعــراء الــعـصــر الحـديــث مـن(1798)م حـتـى الآن :: فـلســــــــطـيـن :: فدوى طوقان
صفحة 1 من اصل 1
نداء الأرض
تمثل أرضنا نمته و غذته
من صدرها الثرّ شيخاً و طفلاً
و كم نبضت تحت كفيّه قلباً
سخياً و فاضت عطاءً و بدلاً
تمثّل و هو يلوب انتفاضاً
ثراها إذا ما الربيع أهلاً
و ماج بعينه كنز السنابل
يحضنه الحقل خيراً مطلاً
و لاح له شجر البرتقال
و هو يرف عبيراً و ظلاً
و هاجت به فكرة كالعواصف لا تستقر
تواكب تلك الطيوف تساير تلك الصور :
أتغصب أرضي ؟ أيسلب حقي و أبقى أنا
حليف التشردّ أصحب ذلّة عاري هنا
أأبقى هنا لأموت غريباً بأرض غريبة
أأبقى ؟ و من قالها ؟ سأعود لأرضي الحبيبة
بلى سأعود ، هناك سيطوى كتاب حياتي
سيحنو علي ّ ثراها الكريم و يؤوي رفاتي
سأرجع لا بد من عودتي
سأرجع مهما بدت محنتي
و قصة عاري بغير نهاية
سأنهي بنفسي هذي الرواية
فلا بدّ ، لا بدّ من عودتي
و ظلّ المتشرد عن أرضه
يتمتم : لا بد من عودتي
و قد أطرق الرأس في خيمته
و أقفل روحاً على ظلمته
و أغلق صدراً على نقمته
و ما زالت الفكرة الثابته
تدوم محمومة صامته
و تغلي و تضرم في رأسه
و تلفح كالنار في حسه
سأرجع لا بد من عودتي
. . . . . . . . . . . . . ..
و في ليلة من ليالي الربيع الدفيئة
مشى ذاهل الخطو تحت النجوم المضيئة
و راح يدور بأفق خواطره الشاردات
يلاحقهن و يمعن بعداً مع الذكريات
و يبصر يافا جمالاً يضيء على الشاطىء
و يسمع غمغمة الموج في بحرها الدافىء
و يلمح بالوهم طيف القوارب و الأشرعة
تقبّل وجه الصفاء في الزرقة المتلرعة
و مرت على وجهه وهو يحلم نسمه
مضمّضة بشذى البرتقال تعطّر حلمه
وكانت كهمسٍ مصدره واستتر
كهمسٍ من الغيب وافاه يحمل صوت القدر
وأوغل تحت ضياء النجوم
يمشي ويمشي كمن يحلم
وكان بعينيه يرسب شيء
ثقيلٌ كآلامه ، مظلمٌ
لقد كان يرسب سبع سنين
انتظارٍ طواها بصبر ذليل
تخدّره عصبة المجرمين
وترقده تحت حلم ثقيل
لقد كان يرسب سبع سنين
طوال المدى عاشها في سؤال :
متى سأعود ؟ وكان الجواب
صمتاً يمدّ رهيب الظلال
وما زال يمشي سليب الإرادة
تدفعه قوّة لا تردّ
إلى أين ؟ لم يدر . كان الحنين
نداءً ألحّ به واستبدّ
كأن الأرض ، من أرضه
تصاعد يدعوه صوتٌ شرود
يجلجل في قلب أعماقه
ويجذبه ما وراء (الحدود)
هناك تناهت خطاه ، هناك
تسمّر عند السياج العتيق
هناك تيقّظ وعياً رهيفاً
وحسّاً عجيب التلقّي دقيق
وفي نفسه كان يزدحم الدمع
والشوق والسورة المفعمه
ورجع نداء ملحّ قويّ
وموجة عاطفة مبهمة
ورائحة الأرض في قلبه
مزيج حنان ونفخ شذيّ
وللصمت من حوله ألف معنىً
يعانق ألف شعور خفيّ
وأهوى على أرضه في انفعال يشمّ ثراها
يعانق أشجارها ويضمّ لآلي حصاها
ومرّغ كالطفل في صدرها الرحب خدّاً وفم
وألقى على حضنها كل ثقل سنين الألم
وهزّته أنفاسها وهي ترعش رعشة حبّ
وأصغى إلى قلبها وهو يهمس همسة عتب :
رجعت إليّ؟!
- : رجعت إليك وهذي يدي
سأبقى هنا ، سأموت هنا ، هيّئي مرقدي
وكانت عيون العدو اللئيم على خطوتين
رمته بنظرة حقد ونقمة
كما يرشق المتوحش سهمه
ومزق جوف السكون المهيب صدى طلقتين
…………………………………
بدا الفجر مرتعشاً بالندى
يذرذره في الربى والسفوح
ومرّ بطيء الخطى فوق أرضٍ
مضمّخة بنجيعٍ نفوح
تلفّ ذراعين مشتاقتين
على جسدٍ هامدٍ مستريح
ســر وجــودي توأم روحـــــي :: قـســـم الأدب و الشــــعــر :: الــشّعــر :: الشـّـــــعــر الـفـصـيـح :: شـــعــراء الــعـصــر الحـديــث مـن(1798)م حـتـى الآن :: فـلســــــــطـيـن :: فدوى طوقان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى