مسافرٌ نحو الفجر
ســر وجــودي توأم روحـــــي ::
مسافرٌ نحو الفجر
دنْـدنْ علـى وتــرِ الأحــزانِ مُرْتَفقَــا
وسَـلْ أُجبْكَ فَهَـذا الحَـرفُ مَـا امْتُشِقَـا
يـا ســامرَ الليلِ كـمْ ألـهبتَ قــافيتـي
يا سـامرَ الليلِ حتَّـى تحــرقَ الشَّــفقَا
أَمَـا تـرَى أنَّنـي قلـبٌ تُطِيـــحُ بِـــهِ
أمـواجُـكَ الحمْـرُ ظمْـآنـاً فَمَـا غَرقًـا
يـا ســامرَ الليلِ والدُّنيــــا ببهجتِهَــا
إِنِّـي أُعيــذُكَ مـن حزنــي إِذَا نَطَقَـا
مُسَـافرٌ لسـتُ أدري مـا بهـــا سُــفُني
لكنَّنـي مُبحِـرٌ شــوقـاً كَـمَنْ عَشِـقَـا
زوَّادتـي فـي الهـــوى نفـسٌ مـضمَّخَةٌ
ومقلــةٌ ضـيَّعتْ فــي دمعِهـا الطُّرُقَـا
يـا ســامرَ الليلِ كـمْ من عاشـــقٍ أرقٍ
مثلـي وكـمْ عاشـقٍ لا يعـرِفُ الأَرَقَــا
هـزَّتْكَ مـن شـعريَ الأنفـــاسُ فالتهبتْ
أنغـامُـكَ الخضرُ فـازدادتْ بـِـهِ ألقَــا
لِـي عندَ بابِكَ ذكـرى لسـتُ أُنكـرُهَـــا
فلسْتُ أوَّلَ مَــنَ بــابَ الهـوى طَرَقـَـا
إذْ كــلُّ قلــبٍ إلـــى ليــلاهُ حجَّتُـهُ
وذا فــؤاديْ إِلــى ليــلاهُ قـد سبقَــا
يـا ســامرَ الليلِ ليلــى قلبُهَـا وطنِـي
ومقلتـاهَـــا ضيــاءُ الشَّمسِ إنْ بَرَقَــا
هـيَ الحروفُ إذا مَـــا شِئْتُهَـا اجْتمَعَتْ
بين السّــطورِ قصيداً ثــائِــراً نزِقَــا
كـمْ للبطولــةِ قـد أشْـرعْتُ قافيتـــي
أُديــرُهَـا حــرّةً لا تــعرفُ المَلَقَــا
وكـمْ ضغطْتُ زنــادَ الحــرفِ فانفجرتْ
أســرارُهُ بلهيبٍ أنطـــقَ الورقَــــا
وكـمْ وكـمْ ليلــةٍ أمضيتُهَــا جزِعَــاً
علــى الّــذينَ أُبيـدُوا كيفمَــا اتَّفَقَــا
أصيـخُ سـمعي إِلـى شـكواهُـمُ ويـدي
علـى الزّنَــادِ وقلبـي بَعْـدُ مَــا خَفَقَـا
فـالموتُ كـالنّبْـعِ يـا كـابولُ تُرْسِلُــهُ
صـخورُكِ الشُّـمُّ مَــوْجَـاً هـادراً حَنِقَـا
وقندهـار قَضَـتْ لــمْ تـدرِ مَـا صَنَعَتْ
تُفـارقُ الليــلَ مصلوبــاً ومحترِقَـــا
وذيْ فلســطينُ كَــمْ بَـاتَتْ علـى ألـمٍ
مجروحــةَ القلـبِ لا صبحـاً ولا غَسَقَــا
وأمّـتي لـمْ تـزلْ بالحكــمِ جــازِمَـةً
بـأَنّ من سـرقَ الأحــلامَ مَــا سرقَــا
تلك الّتـي كــانتِ الدُّنيــا تدينُ لهَــا
بعدلِهَــــا وبـــربٍّ واحــدٍ خلقَــا
فكـــلُّ زيتونـــةٍ صبــحٌ بمولدِهَـا
وكــــلُّ صفصافــةٍ قلــبٌ إذا خفقَــا
وكـــلُّ هــدأةِ ليــلٍ خطَّهــا قـدرٌ
وكــلُّ نجمــةِ صبــحٍ حـاكتِ الفلقَــا
فـلا تَـرَى غيـرَ عـدلٍ عـمَّ سـاحتَها
ولا تشــمُّ ســوى الرَّيحــانِ إنْ عبقَــا
بنـو أميَّـةََ مـا بــادوا ومـا رحلـوا
فهـمْ علــى عهـدِهِــمْ ورداً ومغتبقَــا
بغــدادُ كــانتْ إذا أنَّـتْ لنـازلــةٍ
دمشـقُ تـأْرقُ حتَّــى تُــؤْرِقَ الأرقَــا
وقـاسـيونُ أبٌ قـد حــنَّ لابنتِــهِ
فضمّهَــا فغفتْ دفئــاً فمــا افتـرقَــا
تـرى المــآذنَ مروانيّــَةً صدحـتْ
فيهــا وحسبُــكَ تكبيـــرٌ إذا انبثقَــا
واليـاسـمينُ كمــا تهــواهُ منعتـقٌ
مـن عطـرِهِ وهـوَ فيهـا ليـسَ منعتقَــا
فكلَّمـا قـد دخلـتَ الشَّــامَ منتشيــاً
تشـمُّ مـن عبـقِ التَّاريــخِ مــا عبقَــا
ياقـاســيونُ إليك العينُ مـا نظــرتْ
إلا وكـنتَ لهـا الإبصـــارَ والحــدقَــا
سـلْني أجبْـكَ فقـد عـانيتَ مـن ألمي
وشــفَّكَ الـوجـدُ إرغـامـاً فمــا رفقَــا
آمنتُ بالشــعرِ جبَّــاراً إذا عصـفتْ
حـروفـُـهُ , وكــذَا بـرقــاً إذا رُشِقَـا
لا يلهـبُ الغيمـةَ الحبلــى بقبلتِــهِ
حتَّـى تُرَتِّــلَ مـن شـريـانِهَـا غـدقَــا
فتستفيقُ صبــاحُ الخيـرِ يـا وطنـي
علــى سنـابـلَ لا تــرجـو بهــا رمقَـا
حتَّــى تـراهــا كـأنّ اللهَ كـوّنهـا
فقـالَ كـونـي فكـانتْ رزْقَ مَــنْ رُزِقَــا
واللهُ أكبــرُ تُدمِـي وجـهَ غـاصبِنَـا
تـدكُّ طغيـانَـهُ العــاتِـيْ وقــد صُعِقَــا
ستمـلأُ الكـونَ يـوماً وهـيَ خـافقـةٌ
علــى الشَّفـاهِ , فـأكـرمْ بـالّـذي خفقـا
أُبيــحُ بالشـعرِ أسـراري وقـد خفيتْ
وأســتدلُّ بِــهِ المعنـى الّــذي انغلقــا
فهـلْ تـرانـي علـى غيرِ الّذي عرفتْ
ديــارُ منبـجَ منِّــي شــاعـراً قلقــا
إذاً أنــا هـوَ لا خـوفـاً ولا جـزعـاً
مــا دامَ فـي أمَّتـي ذلٌّ بهــا التصقــا
مـا دامَ فـي أمَّتـي صوتٌ قـدِ ارْتعشتْ
أوصـالُــهُ , فهــوى ميْتــاً إِذِ اخْتنقَــا
مـا دامَ فـي أمَّتـي وهـمٌ يـراودُهَــا
بــأنَّ مَـنْ زرعَ الأوهــامَ قــد صدقــا
مـا دامَ فـي أمَّتـي عشـرونَ جـاريـةً
وراءَ مقعـدِ كســرى تسكب العـرقَــا
أنـا الفـراتُ وهــذا الشَّــطُّ متَّكئـي
إذا اتَّكــأْتُ ومـوجــي نــازعَ الأفقــا
مـا أجبنَ الشـعرَ يـومَ الرَّوْعِ إن خذلتْ
حـروفُــهُ شـاعـراً مـا غَصَّ أو شَـرِقَـا
فهوَ النُّبُـوءَةُ عـنْ مسـرى كتـائبِنَـا
أعظــمْ بهــا فرقـاً قـد تـابعتْ فِـرَقَــا
********************
ســر وجــودي توأم روحـــــي ::