السمفونيةُ الجنوبيةُ الخامسة
ســر وجــودي توأم روحـــــي ::
السمفونيةُ الجنوبيةُ الخامسة
1
سَمَّيْتُكَ الجَنوبْ
يالابساً عَبَاءَةَ الحُسَينْ
وشَمسَ كَرْبَلاءْ
يا شَجَر الوردِ الذي يحترفُ الفداءْ
يا ثورةَ الأرض الْتَقَتْ بثورة السماءْ
يا جَسَداً يطلعُ من ترابهِ
قَمْحٌ.. وأنبياءْ.
إسمَحْ لنا...
بأنْ نَبُوسَ السيفَ في يَدَيْكْ
إسمحْ لنا..
أن نعبدَ اللهَ الذي يُطلُّ من عينيكْ
يا أيُّها المغسولُ في دمائه كالوردةِ الجُوريَّهْ
أنتَ الذي أعطيتَنَا شهادةَ الميلادْ
ووردةَ الحريَّهْ..
سمَّيتُكَ الجَنُوبْ
يا قَكَر الحُزْن الذي يطلعُ ليلاً من عُيُون فاطِمَه.
يا سُفُنَ الصَيْد التي تحترفُ المُقَاوَمَهْْ..
يا سَمَك البحر الذي يحترفُ المُقَاوَمَهْ..
يا كُتُبَ الشعر التي تحترفُ المُقَاوَمَهْ..
يا ضِفْدَعَ النهر الذي
يقرأُ طولَ الليل سُورَةَ المُقَاوَمَهْ..
يا ركْوَةَ القَهوَةِ فوقَ الفَحْمِ،
يا أيَّامَ عاشُوراءَ،
يا شَرَابَ ماءِ الزَهْر في صيدا،
ويا مآذنَ اللهِ التي تدعُو إلى المقاومَه
يا سَهَراتِ الزَجَل الشعبيِّ،
يا لَعلَعَةَ الرَصَاص في الأعراسِ،
يا زَغْرَدَةَ النساءِ،
يا جرائدَ الحائط،
يا فصائلَ النمل التي
تُهرِّبُ السلاحَ للمُقاوَمَه...
3
يا من يُصلّي الفجرَ في حقلٍ من الألغامْ
لا تنتظرْ من عرب اليوم سوى الكلامْ...
لا تنتظرْ منهم سوى رَسَائل الغَرَامْ
لا تلتفِتْ إلى الوراء يا سيّدَنا الإمامْ
فليس في الوراء غيرُ الجهل والظلام
وليس في الوراء غيرُ الطين والسُخَامْ
وليس في الوراء إلا مُدُنُ الطُرُوحِ والأقزَامْ
حيثُ الغنيُّ يأكلُ الفقيرْ
حيثُ الكبيرُ يأكلُ الصغيرْ
حيثُ النظامُ يأكلُ النظامْ..
4
سَمَّيتُكَ الجَنُوبْ
سَمَّيتُكَ الحُنَّاءَ في أصابع العرائسْ
سَمَّيتُكَ الشِعْرَ البطوليَّ الذي
يحفظهُ الأطفالُ في المدارسْ
سَمَّيتُكَ الأقلامَ، والدفاترَ الورديَّهْ
سَمَّيتكَ الرصاصَ في أزقّة (النَبْطِيَّهْ)
سَمَّيتُكَ الصيفَ الذي تحملُهُ
في ريشها الحَمَامَهْ..
5
سمَّيتُكَ الجَنُوبْ
سمَّيتُكَ المياهَ والسنابلْ
ونَجْمَةَ الغروبْ
سَمَّتُكَ الفجرَ الذي ينتظرُ الولادَهْ
والجَسَدَ المشتاقَ للشهادَهْ
يا آخرَ المدافعينَ عن ثرى طروادَهْ
سَمَّيتُكَ الثورةَ، والدهْشَةَ، والتغييرْ
سَمَّيتُكَ النقيَّ، والتقيَّ، والعزيزَ، والقديرْ
سَمَّيتُكَ الكبيرَ أيُّها الكبيرْ
سَمَّيتُكَ الجَنُوب..
6
سمَّيتُكَ الجَنُوب
سمَّيتُكَ النوارسَ البيضاءَ، والزوارقْ
سَمَّيتُكَ الأطفالَ يلعبونَ بالزنابقْْ
سمَّيتُكَ القصيدةَ الزرقاءْ
سمَّيتُكَ البَرْقَ الذي بناره تشتعلُ الأشياءْ
سمَّيتُكَ المسدَّسَ المخبوءَ في ضفائر النساءْ
سمّيتُكَ الموتى الذينَ بعد أن يُشيَّعُوا
يأتونَ للعشاءْ..
ويَستَريحُونَ إلى فراشهمْ
ويطمئنّونَ على أطفالهمْ
وحين يأتي الفجرُ، يرجعونَ للسَمَاءْ..
7
سَمَّيتُكَ الجنوبْ
يا أيُّها الطالعُ مثلَ العُشْب من دفاتر الأيَّامْ
يا أيُّها المسافرُ القديمُ فوق الشوكِ والآلامْ
يا أيُّها المُضِيءُ كالنَجْمَة، والساطعُ كالحُسَامْ
لولاكَ كنّا نتعاطى عَلَناً
حَشِيشَةَ الأحلامْ
إسْمَحْ لنا بأن نبوسَ السيفَ في يَدَيْكْ
إسْمَحْ لنا أن نجمعَ الغُبَارَ عن نَعْلَيكْ
لو لَمْ تجيءْ يا سيّدي الإمامْ
كُنَّا أمامَ القائد العِبْريِّ
مذبوحينَ كالأغنامْ...
8
يا سيِّدَ الأمطار والمواسمْ
يا ثورةً شعبيّةً تحملُ في أحشائها التوائِمْ
سَمَّيتُكَ الحُبَّ الذي يَسْكُنُ في الخواتمْ
سَمَّيتُكَ العطرَ الذي يسكُنُ في البراعِمْ
سَمَّيتُكَ السُنُونُو
يا سيّدَ الأسيادِ، يا مَلْحَمَة الملاحِم.
9
البحرُ نصٌّ أزرقٌ يكتُبُهُ عَليّ
ومَرْيمٌ تجلسُ فوقَ الرمل كلَّ ليلةٍ
تنتظرُ المهديّْ.
وتقطفُ الوردَ الذي يطلع من أصابع الضَحَايا
وزينبٌ تُخَبّئُ السلاحَ في قَمِيصِها
وتَجْمَعُ الشَظَايا
يقطُنُونَ داخلَ المرايا..
10
فاطمةٌ تَجيءُ من صُورٍ، وفي ثيابها
رائحةُ النَعْنَاع والليمونْ
فاطمةٌ تجيئُني، وشَعْرُها
يُشْبِهُ هذا الزَمَنَ المجنونْ
فَاطمةٌ تأتي.. وفي عُيُونها
خَيْلٌ، وراياتٌ، وثائرونْ
هل الحروبُ يا تُرى..
11
سيذكُرُ التاريخُ يوماً قريةً صغيرةً
بين قُرى الجنوبِ،
تُدعَى (مَعْرَكَهْ).
قد دافعتْ بصدرها
عن شَرَف الأرض، وعن كرامة العُرُوبَهْ
وحَوْلَها قبائلٌ جَبَانةٌ
وأُمَّةٌ مُفَكَّكَهْ...
12
مِنْ بحرها..
يخرجُ آلُ البيت كلَّ ليلةٍ
كأنّهمْ أشجارُ بُرْتُقَالْ
مِنْ بحر صورٍ..
يطلعُ الخنجرُ، والوردةُ، والموَّالْ،
ويطلعُ الأبطالْ..
13
سَمَّيتُكَ الجَنُوبْ
وضِحكَةَ الشمس على مَرَايل الأولادْ
يا أيُّها القدّيسُ، والشاعرُ، والشهيدْ
يا أيُّها المَسْكونُ بالجديدْ
يا طَلْقَةَ الرصاصِ في جبين أهل الكَهْفْ
ويا نَبيَّ العُنْفْ..
ويا الذي أطْلَقَنا من أسْرِنا
ويا الذي حرَّرنا من خَوْفْ.
14
يا أيُّها المُهْرُ الذي يصهلُ في بَرِيّة الغَضَبْ
إيَّاكَ أن تقرأ حرفاً من كتابات العَرَبْ
فحربُهُمْ إشاعةٌ..
وسيفُهُمْ خَشَبْ..
وعشقهمْ خيانةٌ
ووعْدُهُمْ كَذِبْ
إياكَ أن تسمع حرفاً من خطابات العَرَبْ
فكلُّها نَحْوٌ.. وصَرْفٌ، وأَدَبْ
وكلُّها أضغاثُ أحلامٍ، وَوَصْلاتُ طَرَبْ
لا تَسْتَغِثْ بمازنِ، أو وائلٍ، أو تَغْلبٍ
قومٌ إسْمُهُمْ عَرَبْ!!.
15
يا سيِّدي : يا سيّدَ الأحرارْ:
لم يبقَ إلا أنتْ.
في زَمَن السُقُوط والدَمَارْ
في زمن التراجُع الثوريِّ..
والتراجع القوميِّ،
والتراجُعِ الفكريِّ،
واللصوصِ والتُجَّارْ
في زمن الفَرارْْ..
الكلماتُ أصبحتْ، يا سيّدي الجنوب،
للبيع والإيجارْ
والمُفْرَداتُ يشتغلنَ راقصاتٍ
في بلاد النفطِ.. والدولارْ..
تسيرُ فوقَ الشوكِ والزُجاجْ
والإخوةُ الكرامُ..
نائمونَ فوقَ البَيْضِ، كالدَّجاجْ
وفي زمان الحرب، يهرُبُونَ كالدَّجَاجْ
يا سيّدي الجنوبْ:
في مُدُن الملح التي يسكنُها الطاعونُ والغُبَارْ
في مُدُن الموت التي تخافُ أن تزورَها الأمطارْ
لم يبقَ إلا أنتْ..
تزرعُ في حياتنا النخيلَ، والأعنابَ، والأقمارْ
لم يبقَ إلا أنتَ.. إلا أنتَ.. إلا أنتْ
فافتَحْ لنا بوَّابَةَ النَهَارْ...
والمُفْرَداتُ يشتغلنَ راقصاتٍ
في بلاد النفطِ.. والدولارْ..
لم يبقَ إلا أنتْ
تسيرُ فوقَ الشوكِ والزُجاجْ
والإخوةُ الكرامُ..
نائمونَ فوقَ البَيْضِ، كالدَّجاجْ
وفي زمان الحرب، يهرُبُونَ كالدَّجَاجْ
يا سيّدي الجنوبْ:
في مُدُن الملح التي يسكنُها الطاعونُ والغُبَارْ
في مُدُن الموت التي تخافُ أن تزورَها الأمطارْ
لم يبقَ إلا أنتْ..
تزرعُ في حياتنا النخيلَ، والأعنابَ، والأقمارْ
لم يبقَ إلا أنتَ.. إلا أنتَ.. إلا أنتْ
فافتَحْ لنا بوَّابَةَ النَهَارْ...
ســر وجــودي توأم روحـــــي ::